ثقافة

نعم للأمل لا لليأس

بسم الله الرحمن الرحيم {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ ۖ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} – الحجر – صدق الله العلي العظيم⠀

الحالة النفسية المصاحبة للإنسان إما أن تعينه على أن يتكامل ويتقدم وإما أن تأخذه للمراوحة أو التقهقر أو التراجع والانحدار، فالنظرة السلبية أو الإحباط أو التشاؤم يضر بتكامل الإنسان أو بحركته الصعودية، أما التفاؤل والإيجابية والأمل (بالمعنى الصحيح) فيأخذه نحو التقدم والرقي.

الإحباط هو حالة نفسية تحصل للإنسان حينما لا يحقق هدفه أو رغبته الشخصية أو الاجتماعية بسبب اصطدامه بعائق خارجي مثل: (وضع اقتصادي، وضع اجتماعي…)، أو عائق داخلي مثل: (عقدة، إعاقة جسدية…)، وهذا العائق قد يؤدي إلى عدم تحقيق الرغبة أو عدم إنجاز الهدف فيقع فريسة حالة نفسية سلبية.⠀

وكما أنه من الممكن أن يلازم الإحباط فردًا، فإنه يمكن أن يلازم جماعة أو شعبًا بسبب وضع اقتصادي أو مشاكل سياسية أو حروب… ولهذا عمل المحتلون للبلدان الإسلامية على إخضاع الشعوب لتستلم لهم وتكون أداة في أيديهم، وهذا الهوان والذل مرفوض دينيًا، وقد أثرت هذه الفكرة سلبًا على البعض فلجأ إلى الانتحار أو الارتداد عن الدين أو التسفيه بأمته وتاريخها…⠀

أعراض وجود الإحباط لدى الإنسان⠀

1- الحزن والاكتئاب، والبكاء بدون سبب، ورفض الأفكار الإيجابية والتعزية.⠀
2- التشاؤم المزمن وتوقع الأمور السلبية دائمًا.⠀
3- فقدان الشهية والرغبة في الترفيه، وعدم التجاوب الإيجابي.⠀
4- انتقاص الذات وفقدان الثقة بالنفس وتوقع الفشل.⠀
5- الكسل والخمول والآلام الجسدية.⠀
6- ضعف التركيز والانغلاق على النفس.⠀
7- اضطرابات في النوم.⠀

آثار وجود الإحباط لدى الإنسان

1- تحدي الإحباط ومقاومته (أثر إيجابي ولكنه نادر الحدوث ويحتاج لإنسان صاحب شخصية قوية وعزم).⠀
2- ظهور بعض الأعراض التي تم ذكرها سابقًا.⠀
3- التحول إلى العدوانية، وقد تكون فردية (كأن يُنفّس الأب عن إحباطه في أولاده أو زوجته)، وقد تكون جماعية “وهي أسهل في التحقق والحدوث” (مثل: توقع الجماهير فوز الفريق بنتيجة كبيرة ثم تكون النتيجة عكسية بخسارة كبيرة جدًا، فيقوم الجمهور بتكسير المحلات).⠀
4- الاستسلام، وتبدل السلوك (مثل: محاولة طفل عمره ست سنوات شرب الماء بالمرضعة بسبب إحباطه من تدليل أبويه لأخيه الرضيع وشعوره بعدم اهتمامهم به).⠀

أسباب وجود الإحباط لدى الإنسان

1- المثالية الزائدة (لأنها عبارة عن أهداف فوق مستوى الإمكانيات، أو هي هدف بعيد تحاول إنجازه بتخطيط غير صحيح أو بإمكانيات بسيطة) وعند عدم تحقق الهدف قد يصاب الإنسان بالإحباط، ولذلك على الإنسان أن يُقسّط هدفه إلى أهداف أصغر تؤدي للهدف البعيد، وأن يخطط بشكل سليم لتحقيقه.
2- تراكم المشاكل (وهي تزامن عدة مشاكل في فترة زمنية قصيرة)، وقد يتعرض لذلك شخص لا يتحمل هذه المواقف فيصاب بالإحباط.
3- تغير الروتين (مثل: الطلاق، أو تغير مكان الوظيفة…) مما قد يؤدي للإحباط بسبب عدم القدرة على التعامل مع تغير الظروف.
4- عدم تحقق التوقعات (كأن يتخيل حياة بصورة معينة في المستقبل عند زواجه، فيتفاجأ لاحقًا بعكس التوقعات) فلا بد من وضع كل الاحتمالات في الحسبان.
5- الضغوط المجتمعية (مثل: تراكم طلبات الأهل والأبناء والأصدقاء والجيران على شخص لا يستطيع تنظيم وقته أو أولوياته، فيجد نفسه مصابًا بالإحباط).
6- افتقاد الإنسان لبعض المقومات (مثل: الإعاقة الجسدية التي تمنعه من تحقيق أهدافه).
7- صناعة الإحباط (وتقوم به غالبًا دول محتلة؛ لتخضع شعوبًا وتسيطر عليها).
8- النظر السلبي (التركيز على السلبيات ونسيان الإيجابيات أو تناسيها).
9- عدم اغتنام الفرص (مثل: تضييع فرصة العمل بسبب عدم المتابعة الحثيثة إعلان التوظيف ثم إلقاء اللوم على الحظ في سبب عدم الحصول على الوظيفة).
10- الكسل (مثل: الراغب في الكسب وهو لا يعمل، أو الراغب في العلم وهو لا يبذل جهدًا كافيًا في التعلم)، وعلى الإنسان أيضًا اختيار المهنة أو اختيار التخصص الدراسي حسب الميول حتى لا يشعر بالإحباط أو الكسل أو الملل.
11- سوء إدارة الوقت (وهي ليست من صفات الناجحين، ومما ينقل عن السيد الإمام “قدس سره” أن أصحاب المحلات كانوا يعرفون الوقت عند مرور الإمام عليهم باتجاه حرم الإمام علي (ع)، فأصبح هذا الرجل فقيهًا وعارفًا ومفسرًا ثم ولي أمر).
12- عدم الثقة بالنفس (على الإنسان أن يعرف نقاط القوة لديه لينميها، فيكسب ثقته بنفسه).
13- البيئة المحيطة المحبطة (تنقل المرض لغير المصابين مع مرور الوقت).

العلاج المقترح للإحباط

1- اعتبار أن ما ننظر إليه على أنه سلبي قد يكون طريق الكمال، فلو عرف الطفل أن راحته ستكون بعد وخز “الإبرة” لن يتمرد على العلاج.
2- الاعتراف بوجود المشكلة يجعلك تركز على الحل وليس الاستسلام.
3- استمع لتجارب الناجحين، وستجد أنها جاءت بعد سلسلة من الفشل.
4- التنفيس عن الذات، عبر البكاء أو الفضفضة، أو كتابة المشكلة.
5- الاستناد إلى الله، وهي تجعل الإنسان قويًا.
6- لا تقارن نفسك بالآخرين الأحسن حالًا منك، بل قارن نفسك بالأدنى منك.
7- ممارسة الرياضة أو ممارسة الهوايات.
8- المحاولة مجددًا بعد الفشل، فمخترع المصباح اخترعه بعد عشرة آلاف محاولة.
9- لا تيأس سريعًا، فيقال أن رجلًا كتب ألفي رسالة ليحصل على وظيفة وعندما لم يحصل كتب ألفي رسالة إلى شركات أخرى ولم يحصل، ولكنه حصل على وظيفة في البريد لملاحظتهم شدة إصراره.
10- لا تخف، يقول الإمام علي (ع): إذا هِبْتَ أمرًا فَقعْ فيه، فإن شدة توقيه أعظم مما تخاف منه.
11- انظر في أسباب الفشل، وحاول معالجتها.
12- تقوية الدافع، فالإنسان يبذل قصارى جهده إذا كان الدافع لديه قويًا.

والأمل نوعان أحدهما مطلوب والآخر مرفوض، والمطلوب يعبر عنه الرسول (ص): الأمل رحمة لأمتي، ولولا الأمل ما رضعت والدة ولدها، ولا غرس غارس شجرة.

أما الأمل المرفوض مثل: تأخير العبادات أو الطاعات، فتقول الرواية: اتقوا باطل الأمل، فربّ مستقبل يوم ليس بمستدبره.


ملخص الليلة الثالثة عشر من شهر رمضان المبارك ١٤٤١ هـ | سماحة الشيخ هاني البناء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى