ثقافة

لم ختمت النبوة ؟

بسم الله الرحمن الرحيم {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} – الأحزاب – صدق الله العلي العظيم⠀

البشر لا يستغنون عن الوحي وعن الهدي السماوي والرشد والإرشاد، وكان الله بلطفه يرسل نبيًا تلو الآخر ورسولًا بعد رسول، وكل واحدٍ منهم كان يدعو الناس نحو الصلاح للآخرة.⠀

النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم خاتم النبيين، والخاتَم هو ما يُختَمُ به، فالله ختم به النبوة. وقد كرر النبي صلوات الله عليه في كثيرٍ من المواقف أنه خاتم النبيين ولا نبيَ بعده.⠀

إذا كانت البشرية تحتاج إلى النبي بعد النبي، فلماذا توقفت النبوة ولم يصبح الباب مفتوحًا لمزيدٍ من الأنبياء حتى يومنا هذا؟⠀

الحقيقة أن الله تبارك وتعالى كان يرسل الأنبياء ولكن بالنبي الخاتم محمد صلى الله عليه وآله وسلم قد أرسله بالدين الكامل. فكل الأنبياء كانوا يدعون للإسلام، ولكن تعددت الشرائع. والتغيرات التي جاءت هي نتيجة للتطورات والتغيرات التي تطرأ على البشرية.⠀

لم ختمت النبوة؟

لأن مناشئ الحاجة لشريعة جديدة منتفية، المبررات لبعث نبي أو رسول جديد منتفية.⠀

1- الغرض من بعض النبوات لم تنتفِ في ذلك الزمان وإنما انتفت في زمان النبي الأكرم؛ بعض الأنبياء جاؤوا لبعض البشر وذلك لمعالجة قضية معينة. مثال: قضية نبي الله لوط مع قومه حيث أرسله الله ليُعالج هذه القضية الأخلاقية. مثال آخر: النبي عيسى عليه السلام بُعث لبني إسرائيل حيث أن بوصلتهم وليومنا هذا بوصلة مادية يُباعون من أجل المال، فأرسل الله النبي عيسى لفتح الأفق لهم لما وراء المادة. ومثل هذه النبوات التي تُعالج قضايا لا يمكنها الخلود؛ لأنها لفترةٍ معينة ولفئةٍ معينة. أما النبي الأكرم ما جاء ليُعالج قضية معينة، وإنما هو إحياءٌ للأنفس بالتوحيد وهو باقٍ ليوم القيامة.

كذلك بعض الأنبياء لم يُعْطَوا مهلة لأن قومهم قتلوهم، فلم يتمكنوا من تبليغ ما أرادوا تبليغه. والبعض الآخر من الأنبياء أٌبيد قومهم كقوم عادٍ وثمودٍ وغيرهم. أما الإسلام فهو ليس لفئةٍ من الناس وإنما هو لكل العالمين، ومستمرٌ ليوم القيامة.⠀

2- انقطاع تراث النبوة وانطفاء سراج الهدى، كان الأنبياء يأتون بالشريعةِ لأقوامهم فيُبلِّغونهم ويدعونهم، وما إن يموتون حتى ينقلب قومهم فيزوّرون كتاب ربهم ويفترون على نبيهم. بينما الإسلام، فإعجاز القرآن باقٍ غير مُحرّف ومحفوظٌ من قبل الله سبحانه وتعالى، وسيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم محفوظة نقلتها لنا الروايات بصورةٍ دقيقةٍ. فصرنا نحفظ القرآن والسنة ونستطيع العيش بها حتى يوم القيامة.

3- أن الأنبياء أنفسهم ليسوا على مستوى واحد، وقابلياتهم مختلفة فمنهم من أرسل إلى عائلةٍ واحدةٍ ومنهم من أرسل إلى قبيلةٍ ومنهم من أرسل إلى كل العالم. ودليلٌ على مكانة النبي الأكرم رحلةُ معراجهِ حيث وصل إلى مكانٍ لم يصل إليه حتى جبرائيل عليه السلام.

4- أليس التطور الكبير الذي تشهده البشرية يحتاج أن يؤتى بشريعةٍ جديدةٍ أم لا؟ كل رسولٍ جاء بشريعةٍ كانت مكملةً لما سبقها ولم تتعارض معها إلا في جزئيات تفصيلية. كل شريعة لاحقة تكون مصدقة للسابقة، وإذا احتاجت لتغييرات غيّرتها. والنبي الأكرم إنما جاء ليُتمم مكارم الأخلاق.

  • تتطور البشرية في ثلاثة أشياء، اثنان منها مرتبطةٌ بالنبوة والثالث غير مرتبط بالنبوة.

1- المعارف العقائدية: مثال: كل الأنبياء يؤكدّون على وحدانية الله سبحانه وتعالى، ولكن الفرق يكون في التعمّق حيث أن الشريعة الخاتمة يكون تعمقها أكثر؛ لأن البشرية لا تتحمل.

2- تحمل أعباء الرسالة وتطبيقها من خُلقٍ وشريعةٍ وتفاصيل، والإنسان في زمن النبي أصبح قادرًا على ذلك من خلال التدرّج، ومن خلال المعصومين الذين هم القيّمون على هذه الشريعة من بعد النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.

3- اكتشاف قوانين الكون (التقنية والعلم التجريبي) وهذه ليس لها علاقة بالأنبياء، فالدين يقود العلم ليكون بريئً


ملخص الليلة الحادية عشر من شهر رمضان المبارك ١٤٤١ هـ | سماحة الشيخ هاني البناء

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى