مقالات

يوميات معسكر 2 قطعة حلوى وعلبة عصير

لا زلتُ أتذكّر، أنّني بعد يومين من دخولي للمعسكر، ولأنّني لم أعتد الاستيقاظ في ذلك الوقت المبكِّر جدّاً، أنّ النوم أخذني إلى حيثُ ذلك العقاب الذي يتكلّمون عنه، قلتُ لماذا يتمُّ إيقاظُنا في هذا الوقت من أجل عَلَم؟

واصلت النوم من دون مبالاةٍ، على الرغم من محاولات إيقاظي حتّى بعد انطلاق صوت الجرس الذي يعني بدء التحيّة، إلى أن جاءني العسكري المسؤول ليخبرني بأنّني محتجزٌ لمدّة أسبوع!

هناك، في المعسكر عينه، فكّرت دائماً في تهريب هاتفٍ نقّال لكسر ذلك الروتين القاتل، استدرجت الموظف الباكستاني العامل في المقصف. كسبتُهُ منذ اللحظة الأولى بقطعةِ حلوى وعلبةِ عصير. هؤلاء ضعافُ نفوسٍ، جاؤوا إلى بلادنا من أجل التكسُّب، ومن السهل اللعب على عقولهم ببعض المال.

بعد أن تمتّنت علاقتي به، وصارت أحاديثي معه يوميّة، أثرتُ فضوله بقولي له في أحد الأيام أنّني أريده في موضوعٍ مهمّ سأخبرهُ به لاحقاً، لم يستطع الصبر إلى اليوم التالي، وجاء إلى ثكنتي للسؤال عنّي فلم يجدني هناك، هكذا أخبرته في اليوم التالي مباشرةً بما أريد، عرفتُ أنّه سيوافق بلا تردد، وهذا ما حصل فعلاً.

أخبرت أحد الزملاء الذين تم اكتشاف أمرهم خلال تهريبه لهاتفٍ أنّ لدي واحد ويمكنه استخدامه، أراد معرفة طريقة التهريب ولم أخبره، نسّقتُ له تهريب بعض أجهزة الهواتف الأخرى، إلّا أنّ اكتشاف أحدهم بعد فترة أوقع بي، فالأخير اعترف أنّني أُنسِّق تهريب الهواتف في المعسكر، فجاءني العريف سعيد بينما كنتُ أجلس على باب الثكنة، سألني عن هاتفي، وبدأتُ أضحك، إلّا أنّه توجه إلى مخبئي وأخرج الهاتف.

عندما تمّ التحقيق معي حول الأمر، أخبرتهم أنّني أهرب الهواتف من خلال مخبأ خاصّ في الشنطة لا ينتبه له المفتّش، كما تمّ توبيخ المدرّب الباكستاني بسبب كثرة الهواتف عند الفصيل المسؤول عن تدريبه. تمّ حجزي حينها لمدّة أربعة أسابيع.


  • الفصل الثامن من كتاب وطن عكر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى