ثقافة

حقوق الإنسان في الغرب بين الواقع والتزييف

تقديم: لا شك أن المقاومة انتصرت، البندقية انتصرت ولكنها للآن لا تملك نسقا علميا، نعم تملك حوزة تخرج المجتهدين ولسانها داخلي، فالحوزوي لا تسعفه مصطلحات الحوزة لمخاطبة المجتمع المعاصر.

المقاومة لم تعمل على المسألة الثقافية بالدرجة الأولى، ولكن بعد داعش اختلف الحال، فلابد من تأسيس مدرسة تحاكي الفكر المقاوم، نعم في إيران الإسلامية ولبنان توجد مبادرات في هذا الاتجاه، لابد أن تكون مقاومتنا الفكرية موازية لمقاومتنا القتالية.

الحقوق والقانون

إذا كان هناك حق فهناك قانون، في القانون مدرستان:

  1. مصدر القانون هو الله (محورية الله)، فرعون سأل موسى من ربك؟ فأجاب: (ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى) القانون لا يتعين قانونا إلا اذا كان له موضوع، ومطبق ومجري له عقلانية واختيار، والقانون الإلهي يتشخص في التكاليف، فكل ما يتم تقنينه من مصادر شرعية هو قانون إلهي.

2. مصدر القانون بشري (محورية الإنسان)، بعد الثورة الفرنسية بني القانون على محورية الإنسان وتم إقصاء الدين من التشريع، والقوانين المنضوية تحت هذا العنوان تراعي مصلحة الإنسان وخاصة لمزاجات الإنسان.

القوانين قسمان

  1. تشريعي: لا يمكن الوصول إليه إلا بطريق إلهي كالأنبياء.
  2. طبيعي: أودعه الله في فطرة اﻹنسان، فهو يدركها بلا حاجة إلى الغير فالمسلم والبوذي والملحد يدرك هذه القوانين إلا إذا تلوث باطنه.

والأحكام الشرعية راجعة إلى قوانين طبيعية، كما يقول العلماء المتقدمون: الأحكام الشرعية ألطاف في الأحكام العقلية، وعليه فالقوانين الوضعية كلما اقتربت من القوانين الطبيعية فقد اقتربت من الشرع.

القانون الطبيعي أوسع من القانون التشريعي ولذلك كثير من الخطابات التي نحسبها شرعية هي في الحقيقة طبيعية فإن الإنسان إذا التفت إليها يدرك الالزام العقلي فيتحرك، وكذلك الدفاع عن الوطن يحكم القانون الطبيعي بلزوم التحرك نحوه.

  • هل للمشرع أن يتعدى حد القانون الطبيعي والتشريعي إذا كان المحور هو الله؟

  طبعا لا، فرق المقاومة عن داعش أن المقاوِم يرى قبحاً ذاتياً في قتل الأطفال فلا يتعدى، أما داعش فليس تحركه ضمن محورية الله بل ضمن محورية الإنسان فيقول إن قتل الطفل فيه مصلحة فيقتله.

المجتمع الأوروبي وإقصاء الدين

الثورة الفرنسية أزاحت الدين من مؤسسات الدولة، أقصوا الكاثليك بل أحرقوهم بالنار، كانت آنذاك جماعتان كلاهما تدعي الوصل بالله وتقاتل الأخرى ثلاثين سنة حتى سَبَبَ ذلك أن ديكارت ألف كتابا أسماه: “الطريقة في المنهج” واجتمعت المقتضيات حتى عمل الأوروبيون على اقصاء الدين تماما، نعم لك حق الممارسة الدينية الشخصية وفقط، وبعد أن تم إقصاء الدين ظهرت نظريتان تنطلقان من محورية الإنسان.

ما الفرق بين نظرية هوبس ونظرية جون جاك روسو؟

  • نظرية هوبس: الملاك هو القوة، الضعيف لابد أن يخضع للقوي وأن يكون عبدا له وإلا فينزل عليه أشد العقاب.
  • نظرية جون جاك روسو: الملاك هو التوافق الاجتماعي، ومظاهره تجلت بتأسيس البرلمان والانتخابات والديمقراطية والليبرالية.

كلتا النظريتين طُبّقَ على أرض الواقع، لكن طبقوا على السود والعرب (غير العرق الأوروبي) ونحوهم النظرية الأولى، وطبقوا على أنفسهم النظرية الثانية.!

البيان الأول لحقوق الانسان ظهر في فترة الثورة الفرنسية، لو قرأته بنظرة ساذجة لحصلت لك لذة بما ستجده مكتوبا فيه من حرية وحقوق إنسان، ولكن مصالح الإنسان متغيرة مع الوقت ولا تحدد بحدود ولذلك استغلها البشعون لمصالحهم الشخصية فقسموا الإنسان على أساس عرقي، وإلى الآن ينظرون إلى العربي والآسيوي عموما أنه معوق فكريا ويذكرون صدام والقذافي وغيره كأمثلة على التحجر العربي (وهي أمثلة مصداقية تحقق مدعاهم بلا شك) فلم تنجح العقلية العربية في تأسيس الدولة المدنية، وكل ما عند العرب يعتبرونه من إنتاجاتهم والعرب مجرد مستهلكون.

إذًا حقوق الإنسان تتعين في نظرية كروسو وحتى في الغرب أن مَنْ يحاول الخروج عن محورية اﻹنسان يمحوه كما فعلوا مع بعض الطوائف الدينية الصغيرة في أميركا، وهذه النظرية طبقوها على دول المنطقة فالعراق مثلا لا يستطيع أن يشتري طائرة حربية بلا إذن من أمريكا. لماذا؟! هذا تطبيق لمبدأهم.

من هنا نجد الإمام الخميني أناط الدولة والثورة بحديث الثقلين يعني محورية الله فخرج من ربقة الأمريكان وقطع أيديهم فجاء بالإسلام إلى أعلى قمة في الدولة، وبهذا منع نفوذ نظريتهم على التجربة الإيرانية.

  • في فرنسا يدعون نظرية روسو ولكن لماذا يمنعون الحجاب؟ أليس هذا سلبا للحرية؟

وهذا النظام سار حتى وصل إلى شرعنة الزواج المثلي ووظفوا التكنولوجيا لذلك حتى صنعوا حبوبا يشربها الذكر فينقلب هرمونياً إلى أنثى والأنثى تنقلب ذكرا، فيميل الذكر إلى الذكر والأنثى إلى الأنثى، وأجروا عمليات تغيير الجنس.!

النتيجة: لا توجد حقوق إنسان بل يوجد سلاح مشهور في وجه مستضعفي العالم، يرفعونه متى يشاؤون ويخفونه وراء الستار متى أرادوا.!

كلمة بارزة

إذًا حقوق الإنسان تتعين في نظرية كروسو وحتى في الغرب أن مَنْ يحاول الخروج عن محورية اﻹنسان يمحوه كما فعلوا مع بعض الطوائف الدينية الصغيرة في أميركا، وهذه النظرية طبقوها على دول المنطقة فالعراق مثلا

لا توجد حقوق إنسان بل يوجد سلاح مشهور في وجه مستضعفي العالم، يرفعونه متى يشاؤون ويخفونه وراء الستار متى أرادوا.!


الكاتب: سماحة الشيخ فضيل الجزائري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى