ثقافة

سلوكيات المجاهد – مفهوم اللياقة وأداب السلوك

مفهوم الّلياقة وآداب السلوك

اللياقة هي احترام النفس واحترام الآخرين وحُسن التعامل معهم، كما أنّها السلوك الذي يساعد على انسجام وتلاؤم الناس مع بعضهم بعضاً، ومع البيئة الّتي يعيشون فيها. فهي مفهوم راقٍ، إنسانيّ وحضاريّ. فالحضارة ليست عبارة عن مجرّد اليسر الماديّ من سيّارة فارهة أو زينة في الملبس فقط، ولكنّها بالدرجة الأولى هي التعامل الإنسانيّ الراقي. واللياقة كلمة تعني الاحترام، وحسن التصرّف واللطف للحصول على احترام الذات وتقدير الآخرين، وتُعرّف اللياقة بأنّها “فنّ الخصال الحميدة” أو “السلوك بالغ التهذيب”، وتتعلّق قواعدها بآداب السلوك، والأخلاق والصفات الحسنة، كما تضمّ مجموعة القواعد والمبادئ والآداب والعادات الّتي تدلّ على الخلق القويم الّذي يجمع بين الرقيّ، والبساطة، والجمال.

إنّ النظام السلوكيّ الاجتماعيّ أو ما يعرف بآداب السلوك، هو تأكيد على أصالة ومكانة وقيمة أعرافنا وتقاليدنا، وقبل كلّ شي تعاليم ديننا الذي سنّ الآداب الحسنة. فاللياقة توضح الآداب الاجتماعيّة الراقية والأخلاق الحسنة والأسلوب المهذّب.

إنّ الإلمام بأصول المعاملة يحقّق لنا الراحة والسعادة، وهذه الأصول تجعل الذي يطبّقها يحترم نفسه ويحترم الآخرين. والإنسان بفطرته يحب السلوك الحسن، وينفر من السلوك القبيح سواء صدر عنه أم عن غيره، لذلك يجب أن نتعلّم آداب المعاملة ونجاهد أنفسنا على تطبيقها وتعليمها لأسرنا.

إنّ تطبيق مبادئ اللياقة دليل أكيد على احترام النفس البشريّة وتقديرها، هذه النفس التي فضّلها الله سبحانه وتعالى على سائر المخلوقات حيث قال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ1، فإذا ما ارتقت النفس البشريّة أقامت أعظم وأرقى الحضارات، والتاريخ خير شاهد على ذلك.

الإنسان مخلوق اجتماعيّ بطبعه يميل إلى المشاركة والعيش في جماعة، وصدق رسول الله صلى الله عليه واله حين قال: “إنّ الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم”2. ولكي يتمتّع الإنسان بالسلوك السليم يجب عليه الالتزام بالقواعد والمبادئ التي تنظم هذا السلوك.

يكتمل السلوك الجيّد بالأداء الراقي للإنسان وقدرته على التصرّف عمليّاً بكلّ احترام، فيجذب المستمعين إليه ويحظى باحترامهم وينال إعجاب الأصدقاء. وترتبط قيمة كلّ إنسان بدرجة تهذيب سلوكه وأدائه الاجتماعيّ، يقول الإمام عليّ عليه السلام: “قيمة كلّ امرئٍ ما يحسنه”3.

لا شكّ أنّ السلوك يبدأ بتهذيب العقل والقلب فهما موطن الإحساس الأوّل، ويجمع خبراء اللياقة على أنّه توجد عدّة أعمال صعبة على الإنسان، ومنها:

1- أن يقلع عن عادة قبيحة راسخة.

2- أن يفكّر بطريقة منطقيّة.

3- أن يعترف بجهله.

4- أن يتريّث في إصدار أحكامه.

5- أن ينتظر دون أن ينفذ صبره.

6- أن يعاني دون شكوى.

7- أن يصمت في الوقت المناسب.

8- أن يركّز في ذروة المعمعة.

9- أن يخدم دون أن ينتظر مقابلاً أو مديحاً أو اعترافاً بالجميل.

10- لا شكّ أن النجاح لا يتعلّق بحُسن الحظّ أو اتّجاهات الريح في حياتنا أو الظروف التي نحياها، بل يتعلّق بشكل أساس بنظرتنا للحياة والناس، وطرق استجابتنا لما يحدث من حولنا، فإذا كنت تملك النظرة السليمة للأمور فسوف تتمكّن من أن تحيا حياةً مليئة بالرضا والسعادة.

وهذه بعض القواعد التي تساعد على ذلك:

1- عليك أن تتقبّل نفسك كما أنت؛ تقبّل مظهرك وأسلوبك، ولكن حاول دائماً تطويره، واحترم البدن الذي يحوي روحك بعدم تعريضه للأذى، أو القيام بأيّ شيء يشينك.

2- عليك أن تقبل دروس الحياة، فأنت لم تُخلق لتحيا حياة سهلة سلسة مليئة بالمتعة الخالصة بل تحتاج الحياة إلى الجدّ والاجتهاد والتعلّم، فدروس الحياة تؤهّلك لكي تعيش حياة أفضل، وأن تكون أكثر وعياً لما يدور حولك.

3- يرتكب الإنسان في حياته العديد من الأخطاء، فالّذي لا يخطئ هو الّذي لا يعمل. ولكن يجب أن تكون هذه الأخطاء وسيلة لمعرفة الصواب وعدم العودة إلى الخطأ مرة أخرى.

4- دروس الحياة لا تنتهي، فلا تعتقد أنّك تعرف كلّ شيء أو أنّك ستعرف كلّ شيء في مرحلة معيّنة من مراحل حياتك، فاحرص دوماً على التعلّم من مدرسة الحياة.

5- توقّف عن النظر لما لا تملك وركّز انتباهك على ما تملك، أحبّه وتمتّع به وكن قنوعاً بمكانك ومكانتك في الحياة، وارض بما قسم الله لك تكن أسعد الناس، رغم أنّ الطموح مشروع ومرغوب. قال تعالى: ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ4.

6- معاملة الآخرين لك انعكاس لمعاملتك لهم، فإن كنت تعاملهم بمودّة فسيبادلونك الكلمة الطيّبة بمثلها والعكس صحيح.

7- تعلّم الاعتماد على النفس وتحمل المسؤوليّة فذلك يكسبك المزيد من التقدير والاحترام.

8- أحسن اختيار الأصدقاء، فالصديق الوفيّ خير من يفهمك ويساعدك.

9- إنّ كلّ ما سبق معروف لديك لكنّه يُنسى في غمرة الانشغال في متاعب الحياة، فعليك دائماً أن تتذكّر ذلك وأن تستفيد من دروس الحياة الّتي لا تنتهي.

أهمّ موضوعات آداب التعامل الرسميّ والاجتماعيّ

1- المداراة.

2- التواضع.

3- إفشاء السلام.

4- الحديث.

5- اللباس.

قال تعالى في محكم كتابه: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ1.

وعن رسول الله صلى الله عليه واله: “لا تحقّرنّ من المعروف شيئاً ومن المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق وبشر حسن”2.

المداراة هي فنّ الإرضاء، حيث تعطي فكرة طيّبة عن صاحبها، كما وإنّها تصل بسهولة إلى القلب، وبمعنى آخر إذا وضع الشخص في اعتباره عند كلّ تصرّف شعور وإحساس وحقوق الآخرين، فإنّ ذلك يمثّل البداية الصحيحة لأصول اللياقة.

ويستطيع الإنسان بمراعاة مشاعر الآخرين أن يحقّق نجاحاً اجتماعياً في التواصل.

وقد روي عن الصادق عليه السلام عن الرسول الأكرم صلى الله عليه واله قوله: “مداراة الناس نصف الإيمان والرفق بهم نصف العيش”3.

إذ بالمداراة تحصل استمالة القلوب، وبها يحصل احترامهم، بل والتوقّي من شرّهم، بل جلب قلوبهم وعقولهم إلى الإيمان.

وقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: “كونوا دعاةً للناس بغير ألسنتكم، ليروا منكم الورع والاجتهاد والصلاة والخير، فإنّ ذلك داعية”4.

 عن رسول الله صلى الله عليه واله: “مَن تواضع لله رفعه”5.

يُعتبر التواضع من أهمّ قواعد السلوك الإيمانيّ، فهو السلوك المنطلق من القناعة والعفّة وهو يمنحك القدرة على التأقلم مع الظروف الاجتماعيّة المحيطة بك، وبالتواضع يعمر قلبك وتأتي إليك قلوب الآخرين، وتنال الخطوة في الدنيا وفي الآخرة، يقول تعالى: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ6.

الأسلوب البسيط يمكّنك من أن تعرض الحقيقة بصورة واقعيّة، وتعطي انطباعاً جميلاً، وتوفّر على نفسك البحث عن وسيلة معقّدة تفرض فيها نفسك أو حاجتك، فالتحلّي بالتواضع من الأمور المحبّبة في كثير من المناسبات، ولا يستطيع الإنسان أن يتبنّى سلوكاً بسيطاً إلا إذا تخلّص من عقدة التكلّف والتصنّع وسيطرته.

يجب أن يدرّب الإنسان نفسه على التواضع، ولكن في إطار الاعتداد بالنفس والثقة بالذات، وأن يكون صريحاً وواضحاً وإشاراته مرنة ومباشرة، وتعبّر عن ذاته بعيداً عن الخجل المفتعل والحياء المصطنع أو التردّد في عرض الأفكار، وكلّما كان الإنسان صادقاً مع نفسه كلّما اكتسب احترام الآخرين.

وقد روي عن سيّد المتواضعين رسول الله صلى الله عليه واله ، أنّه لمّا سأله جبرائيل: إنّ الله تعالى يخيّرك بين أن تكون عبداً رسولاً متواضعاً أو ملكاً رسولا، قال صلى الله عليه واله: “عبداً متواضعاً، رسولاً”7.

قـال تعـالـى في محكم كتابه: ﴿وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا8.

لإفشاء السلام فضل كبير في الإسلام وفي آداب التواصل مع الآخرين وفي فنّ اللياقات الاجتماعيّة إذ إنّه كما عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام: “من التواضع أن تسلّم على من لقيت”9.

وعن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: “كان سلمان رحمه الله يقول: أفشوا سلام الله فإنّ سلام الله لا ينال الظالمين”10.

فكيف إذا كان المجتمع إسلاميّاً إيمانيّاً جهاديّاً. فعن أبي عبد الله الصادق عليه السلام: “إنّ من تمام التحيّة للمقيم المصافحة وتمام التسليم على المسافر المعانقة”11.

وعن الباقر عليه السلام: “إنّ المؤمنَين يلتقيان فيصافح أحدهما صاحبَه، فما تزال الذنوب تتحات عنهما كما يتحات الورق عن الشجر، والله ينظر إليهما حتّى يفترقا”12.

قال تعالى في محكم كتابه: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء* تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ13.

تُعتبر إجادة الحديث وإتقان أدبيّاته من ضرورات المجتمع الإيمانيّ. ويتطلّب فنّ الحديث متابعة المستمعين، والرغبة في سماعه من خلال كلّ كلمة يقولها المتحدّث. إذا كانت اللياقة هي فنّ السلوك المهذّب، والتصرّفات الراقية، فهي لا تكون بهذه الصفة إلّا إذا كان الحديث نابعاً من أعماق النفس البشريّة دون تكلّف أو تصنّع و”ما خرج من القلب يصل إلى القلب”.

يُعتبر الحديث موهبة من الله سبحانه وتعالى، وهو من المواهب الّتي يستطيع الإنسان تنميتها، وهو ضرورة للعاملين في مجالات تتطلّب اتّصالاً بالناس ومن أهمّ هذه المجالات العلاقات العامّة والتبليغيّة.

إدارة الحديث

*”خير الكلام ما قلّ ودلّ”

يستطيع الإنسان أن يحكم على شخصية إنسانٍ آخر ومستوى تعليمه، وثقافته، وأسلوب حياته، والوسط الإجتماعيّ الذي ينتمى إليه من حديثه ومن نبرات صوته. وفي الحديث: “تكلّموا تعرفوا14.

*”خاطبوا الناس على قدر عقولهم”.

ينبغي أن يناسب اختيار موضوع الحديث مختلف الأذواق، ولا داعي للحديث في موضوع متخصّص لا يلمّ به الحاضرون.

من آداب الحديث

1- حفظ اللسان من ساقط الكلام.

2- الحديث بصوت منخفض، وبلغه فصيحة سليمة.

3- الصدق في الحديث، وإعطاؤه حقّه من الطول أو القصر.

4- مخاطبة الناس على قدر عقولهم.

5- حسن الإصغاء، وإعطاء الفرصة للآخرين للتحدّث وعدم مقاطعتهم.

6- التقليل من المزاح.

7- عدم التكبّر والتبجّح.

8- الاستئذان قبل الكلام.

إنّ الإسلام دين الجمال والنظافة، لذا حثّ المسلم على الظهور بالمظهر الجميل والنظيف والمرتّب في ملبسه أمام الآخرين، وعند الذهاب إلى المسجد بل وفي كلّ لقاء واجتماع مع الناس.

قال تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ *  قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ15.

وعن أبي عبد الله الصادق عليه السلام: “الثوب النقيّ يكبت العدوّ16.

من آداب لباس ومظهر الاخوة المجاهدين

1- اجتناب التفاخر بالثياب.

2- القيام بإصلاح الثوب إن وجد به شقّاً أو ثقباً، وعدم لبسه وهو ممزّق.

3- طيّ الثياب بعد خلعها، وذكر اسم الله عليها عند وضعها أو تعليقها، وعدم إلقائها مبعثرة دون مبالاة.

4- عدم ارتداء الألبسة المصنوعة من الحرير، لحرمة لبسها عليهم.

5- عدم التشبّه بالنساء في اللباس.

6- اجتناب الثياب الضيّقة والمحجّمة والشفّافة، واختيار الثياب الساترة والمريحة.

7- الالتزام بلباس البنطال الفضفاض ذي الألوان البعيدة عن أجواء الموضة.

8- عدم ترك أزرار القميص مفتوحة لدرجة لافتة.

9- عدم ارتداء الملابس المكتوب عليها عبارات أجنبية أو المصوّر عليها أعلام دول أجنبية أو شعارات لبرامج فنية.

10- عدم ارتداء الملابس التي تُظهر عضلات الجسم أو الأوشام.

11- عدم وضع السلاسل المعدنية بشكل لافت للأنظار أو منافٍ لمظهر أهل الإيمان.

12- عدم وضع الجلّ على الشعر بشكل لافت، فضلاً عن عدم تطويل الشعر والسالفين.

13- عدم حلق اللحية بل الالتزام بمعيار معيّن لحلق اللحية.

14- عدم دقّ الأوشام على الجسد.

من آداب لباس ومظهر الاخوات المجاهدات

1- أن يكون اللباس ساتراً لجميع البدن ما عدا الوجه والكفّين.

2- أن يكون واسعاً فضفاضاً لا يجسم أو يظهر مفاتن البدن.

3- أن لا يكون شفافاً حتّى لا يظهر ما تحته.

4- أن لا يكون زينة في نفسه، لافتاً للنظر في لونه كما هو الحال في الألوان الفاقعة الجاذبة للأنظار.

5- أن لا يكون مشتملاً على التطريز والزخارف اللافتة للأنظار.

6- اجتناب التزيّن والتبرّج ووضع مساحيق التجميل وتركيب الأظافر وإظهار الأساور والقلائد.

7- أن لا يشتمل الثوب على صبغة الترويج للثقافة المعادية كحمله لشعارات غربيّة أو منافية لأجواء حالتنا الإسلاميّة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى