ثقافة

فضل الجهاد والمجاهدين

فضل الجهاد

يقول تعالى:

“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ”.

معنى الجهاد

الجهاد في اللغة مأخوذ إما من الجُهد (بالضم) وهو الوسع والطاقة، ومعناه أن يبذل المجاهد ما لديه من الطاقة والوسع ويصرفها في سبيل الله تعالى.

وإما من الجَهد (بالفتح) وهو التعب والمشقة، ومعناه أن يكابد المجاهد الأمور الشاقة في سبيل الله تعالى، فهو كل عمل مصحوب بمشقة وعناء.

والمعنى الشرعي للجهاد ينصرف إلى قتال الظالمين والمنحرفين عن الحق، ويهدف إلى إقامة العدل وحفظ شعائر الدين والإيمان، ومن شؤون ذلك الدفاع عن بلاد الإسلام والتصدي لكل عدوان يرد عليها.

وجوب الجهاد

وقد نصر الله دينه وأيد رسوله‏ صلى الله عليه وآله و سلم بأن أوجب الجهاد في سبيله فقال جل ثناؤه: “كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُم”، وأكد علي عليه السلام بطل الجهاد في الإسلام مدلول هذه الاية بقوله: “الجهاد فرض على جميع المسلمين لقول الل5 تعالى: “كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَال””.

وقال تعالى: “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِير”.

وقال تعالى: “انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون”.

وقد فسرت الاية “انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً” بتفاسير عدة هي: سواء كان الخروج سهلا أم صعبا، أو سواء توفرت الوسيلة للخروج كالخيل والإبل أم لم تتوفر الوسيلة كأن يكون راجلاً، أو سواء كنتم فقراء أم أغنياء، أو سواء كنتم شباباً أم شيوخاً5.

ويستفاد من هذا التفصيل “خفافاً وثقالاً” أن الجهاد ضرورة على كل حال.

منزلة الجهاد في الإسلام

أولى الإسلام الجهاد عناية خاصة، وأشارت الكثير من النصوص الشرعية إلى فضله وأهميته، وخلاصة ما يمكن أن يستفاد منها أن الجهاد هو:

عماد الدين‏

عن أمير المؤمنين‏ عليه السلام: “الجهاد عماد الدين، ومنهاج السعداء”.

قمة الإسلام‏

عن الصادق ‏عليه السلام: “أصل الإسلام الصلاة، وفرعه الزكاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل اللّه”.

ركن الإيمان‏

عن أمير المؤمنين عليه السلام: “للإيمان أربعة أركان: الصبر واليقين والعدل والجهاد”.

أشرف الأعمال وهو قوام الدين‏

عن أمير المؤمنين ‏عليه السلام: “إن الجهاد أشرف الأعمال بعد الإسلام، وهو قوام الدين”.

لماذا أعطي الجهاد كل هذه الأهمية؟

الإسلام دين واقعي، ينطلق من الفطرة الإنسانية في معالجة القضايا الفردية والإجتماعية، ويتعامل مع قضايا المجتمع البشري على أساس السير العقلائي الذي يوجّه تصرفاتهم ومسالكهم. وعلى هذا الأساس فقد أولى الإسلام أهمية خاصة للجهاد بسبب ما يتوفر عليه من دعامة قوية وركيزة هامة للدين، وقد أشارت بعض الروايات إلى هذه الحقيقة:

عن الإمام الباقرعليه السلام: “الجهاد الذي فضله الله على الأعمال.. لأنه ظهر به الدين، وبه يدفع عن الدين”.

وفي الحديث: “إن الجهاد أشرف الأعمال بعد الإسلام، وهو قوام الدين، والأجر فيه عظيم مع العزة والمنعة..”.

ويستفاد من هاتين الروايتين أن أفضلية الجهاد ناشئة من كونه:

1- به يدافع عن الدين.

2- به ينتصر الدين.

3- به عزة الدين ومنعته.

4- به يفوز المؤمنون بالثواب العظيم.

منزلة المجاهد

الجهاد هو كرامة من الله تعالى اختص بها عباده الصالحين، وميزهم بها عن غيرهم من بني البشر، وقد صرّحت الايات والروايات بفضل المجاهد ومنزلته عند الله، نذكر منها التالي:

المجاهد مفضّل عند الله

مدح اللّه تعالى عباده المجاهدين في أكثر من موضع من كتابه العزيز جاعلاً الأفضلية لهم على غيرهم من القاعدين فقال عز وجل: “لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا * دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا”.

وأشارت الاية إلى أنه لا ينبغي للمجاهدين أن يقنعوا بالوعد الحسن الذي يتضمنه قوله: “وَكُلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى” فيتكاسلوا عن الجهاد في سبيل اللّه فإن فضل المجاهدين على القاعدين بما لا يستهان به من درجات الكمال إضافة إلى المغفرة والرحمة.

الأقرب إلى درجة النبوة

في الخبر: “أقرب الناس من درجة النبوة أهل العلم والجهاد”.

يباهي الله به ملائكته

في الخبر “إن الله عز وجل يباهي بالمتقلد سيفه في سبيل الله ملائكته”.

حبيب الله

عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: “ما من خطوة أحب إلى الله من خطوتين: خطوة يسد بها المؤمن صفا في سبيل الله، وخطوة إلى ذي رحم قاطع”.

ثواب المجاهد

للمجاهد عند الله تعالى أجر عظيم وثواب مضاعف تعرضت لذكره وبيانه الكثير من الايات الكريمة والروايات الشريفة، وفي بعضها ورد أنه لا يوجد عمل كعمل المجاهد: فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال “ما أعمال العباد كلهم عند المجاهدين في سبيل الله إلا كمثل خطّاف أخذ بمنقاره من ماء البحر”.

وقد تعرضت النصوص الشريفة لبعض عناوين الثواب نذكر منها:

تغفر جميع ذنوبه

قال تعالى: “..وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا * دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا”.

وقال الإمام الباقرعليه السلام: “ومن ذلك ما ضيع الجهاد الذي فضله اللّّه على الأعمال وفضل عامله على العمال تفضيلا في الدرجات والمغفرة والرحمة..”.

وهذا التفصيل في الدرجات يفوق كثيرا الأعمال العبادية التي يقوم بها الإنسان، فقد روي أن رجلاً أتى جبلاً ليعبد الله فيه، فجاء به أهله إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فنهاه عن ذلك، وقال: “إن صبر المسلم في بعض مواطن الجهاد يوماً واحداً خير له من عبادة أربعين سنة”.

تصلي الملائكة عليه

في الخبر: “إن الله تعالى يباهي بالمتقلد سيفه في سبيل الله ملائكته وهم يصلون عليه ما دام متقلده”.

يضاعف ثواب عمله

وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: “صلاة الرجل متقلدا بسيفه تفضل على صلاته غير متقلد بسبعمائة ضعف”.

مهر المجاهدين الجنة

يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “للجنة باب يقال له باب المجاهدين، يمضون إليه فإذا هو مفتوح وهم متقلدون بسيوفهم والجمع في الموقف والملائكة ترحب بهم”.

ويقول علي ‏عليه السلام: “الجهاد باب من أبواب الجنة فتحه الله لخاصة أوليائه”.

ويقول الإمام الباقرعليه السلام في بيان فضل الجهاد: “.. وبه اشترى الله المؤمنين بأنفسهم وأموالهم بالجنة بيعاً مفلحاً منجحاً”.

موقعهم في الجنة

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “حملة القران عرفاء أهل الجنة، والمجاهدون في سبيل الله قوادهم، والرسل سادة أهل الجنة”.

في الخبر: “إن الله كتب القتل على قوم والموت على اخرين، وكل اتيه منيته كما كتب الله له، فطوبى للمجاهدين في سبيله، والمقتولين في طاعته”.

من خلال ما تقدم نعرف مغزى كلمة الإمام القائد الخامنئي قدس سره حينما قال: “اعلموا أن الذين قضوا أعمارهم في الجهاد قد حصلوا على أعلى النعم الإلهية وأفضلها”.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى