ثقافة

أهداف الجهاد في الإسلام

الف ـ الجهاد من أجل إطفاء الفتن

وبعبارة اُخرى الجهاد الإبتدائي من أجل التحرير، فنحن نعلم أنّ الله عزّوجلّ قد أنزل على البشريّة شرائع وبرامج لسعادة البشر وتحريرهم وتكاملهم وإيصالهم إلى السعادة والرفاه، وأوجب على الأنبياء عليهم السلام أن يبلّغوا هذه الشرائع والإرشادات إلى الناس، فلو تصوّر أحد الأفراد أو طائفة من الناس أنّ إبلاغ هذه الشرائع للناس سوف يعيقه عن نيل منافعه الشخصيّة وسعى لإيجاد الموانع ووضع العصي في عجلات الدعوة الإلهيّة، فللأنبياء الحقّ في إزالة هذه الموانع بطريقة المسالمة أوّلاً وإلاّ فعليهم استخدام القوّة في إزالة هذه الموانع عن طريق الدّعوة لنيل الحريّة في التبليغ.

وبعباره اُخرى : أنّ الناس في جميع المجتمعات البشريّة لهم الحقّ في أن يسمعوا مقالة منادي الحقّ وهم أحرار في قبول دعوة الأنبياء، فلو تصدّى فرد أو جماعة لسلب هذا الحقّ المشروع للناس وحرمانهم منه ومنعوا صوت الحقّ من الوصول إلى الناس ليحرّرهم من قيود الأسر والعبوديّة الفكريّة والإجتماعيّة، فلأتباع الدين الحقّ في الإستفادة من جميع الوسائل لتهيئة هذه الحريّة، ومن هنا كان (الجهاد الإبتدائي) في الإسلام وسائر الأديان السماويّة ضروريّاً.

وكذلك إذا استخدم البعض القوّة والإرهاب في حمل جماعة من المؤمنين على ترك دينهم والعودة إلى الدين السابق لهم، فللمؤمنين الحقّ في الإستفادة من جميع الوسائل لرفع هذا الإكراه والإرهاب.

ب ـ الجهاد دفاعا

هل من الصحيح أن يواجه الإنسان هجوماً وعدواناً عليه ولا يدافع عن نفسه؟ أو أن يقوم جيش معتدي بالهجوم على بعض الشعوب الاُخرى ولا تقوم تلك الشعوب بالدفاع عن نفسها وعن بلدها بل تقف موقف المتفرّج؟

هنا نجد أنّ جميع القوانين السماويّة والبشريّة تبيح للفرد أو الجماعة الدّفاع عن النفس والإستفادة ممّا وسعهم من قوّة في هذا السبيل، ويسمّى مثل هذا الجهاد بـ (الجهاد الدفاعي) ومن ذلك غزوة الأحزاب واُحد ومؤتة وتبوك وحنين ونظائرها من الحروب الإسلاميّة الّتي لها جنبة دفاعيّة.

وفي هذا الزمان نجد أنّ الكثير من أعداء الإسلام يعتدون على المسلمين ويشعلون نيران الحروب للسّيطرة على البلاد الإسلاميّة ونهب ثرواتها، فكيف يُبيح الإسلام السكوت أمام هذا العدوان؟

ج ـ الجهاد لحماية المظلومين

ونلاحظ فرعاً آخر من فروع الجهاد في الآيات القرآنية الكريمة، وهو الجهاد لحماية المظلومين، فتقرأ في الآية (75) من سورة النساء ﴿وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا﴾.

وعلى هذا الأساس فالقرآن يطلب من المسلمين الجهاد في سبيل الله وكذلك في سبيل المستضعفين المظلومين، وأساساً إنّ هاتين الغايتين متحدّتان، ومع الأخذ بنظر الإعتبار عدم وجود قيد أو شرط في الآية أعلاه نفهم من ذلك وجوب الدفاع عن جميع المظلومين والمستضعفين في كلّ نقطة من العالم القريبة منها أو البعيدة، وفي الداخل أو الخارج.

وبعبارة اُخرى : أنّ حماية المظلومين في مقابل عدوان الظّالمين هو أصل في الإسلام يجب مراعاته، حتّى لو أدّى الأمر إلى الجهاد واستخدام القوّة، فالإسلام لا يرضى للمسلمين الوقوف متفرّجين على ما يرد على المظلومين في العالم، وهذا الأمر من الأوامر المهمّة في الشريعة الإسلاميّة المقدّسة الّتي تحكي عن حقانيّة هذا الدّين.


المصدر: تفسير الأمثل / اية الله مكارم الشيرازي ج 2 سورة البقر .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى