مقالات

من يعين التكليف؟

طالعتنا منشورات “تويترية” و “انستغرامية” وفي بقية وسائل التواصل الاجتماعي حول تعيين التكليف، توحي تلك المنشورات بأن الطرف المقابل يتلاعب بعناوين شرعية بوسيلة الخطابيات.

أولا: آمن المتحدث سلفا بأن المقاومة الإسلامية ليست مخولة بتعيين التكليف، بينما هو قد غفل عن نفسه حينما أطلق صيحات منع تعيين التكليف على جهة من الجهات، ومنع التكليف في حد ذاته فرض تكليف على الآخرين، أيا ترى هل سأل المتحدث نفسه: هل أنا مخول شرعا بتعيين تكليف الآخرين!! هل أنا مخول شرعا بإخراج طرف مقاوم يصرح بالتزامه بقيادة الولي الفقيه من تحت عباءة العمل بالتكليف!!

ثانيا: ربما يدعي المتحدث أنه لا يفرض تكليفا على أحد، وإنما يتحدث بوصفه مبينا وموضحا لما هو المقرر فقهيا من أن الشرعية لا تكتسب إلا عبر الفقيه.

ولكن مرة ثانية غفل أو تعمد هذا المتحدث المصادرة على الآخرين، حيث اتهم المقاومة الإسلامية بعدم امتلاك الامتداد الشرعي الفقهي الذي يخولها تعيين تكليف أفرادها الذين اعتقدوا بها عن بصيرة وحجة واختيار.

فكيف أحرز – ولن يحرز – سلب الامتداد الشرعي داخل عمليات المقاومة الإسلامية؟؟

المقاومة الإسلامية حينما تطلق شعار العمل بالتكليف فهي تعي جيدا ما يحمله الشعار من دلالات، وتعي أيضا ما يتطلبه من مرجعية شرعية ينتهي إليها العمل بالتكليف.

ثالثا: من البساطة بمكان أن يطلب بعض الناس ظهور الوجوه العلمائية المحلية وإعلانها أمام الملأ عن إجازة تصويب العمل المقاوم خصوصا في بعض تفاصيله وتشعباته، هل يقبل أيّ عاقل يفهم أبجديات العمل الأمني، بل والعمل السياسي ذلك!! نعم المقاومة الإسلامية تمتلك التصويب الواضح، وهي غير ملزمة شرعا ولا عقلائيا بالتوضيح لغير دوائرها حيال هذا الموضوع.

رابعا: يتخيل البعض أن الشرعية منحصرة بجهة معينة في ذهنه، ومن ثم ينصب نفسه حكما على الآخرين، ما يرجع إلى هذه الجهة فهو المشروع، وما لا يرجع إليها فهو غير مشروع، وهذا توهم لا ملزم به شرعا، وقد تناسى حتى التيارات السياسية في البحرين التي نشأ بعضها على تصويب تحركاته السياسية تحت الغطاء الشرعي من المرجعية سواء كانت داخلية أو خارجية.

خامسا: يدعي بعض الناس على الآخرين بأن كلامهم مبني على الارتجال غير الراجع لأساس شرعي واضح، فهل يفهم هؤلاء أن “الواضح” = “المُعلَن للناس”؟؟ هل التأكيد على العمل بالتكليف مشروط بالمجاهرة بما تضمره المقاومة الإسلامية؟؟ وحتى تخرج عن الارتجال كما يدعى هل هي بحاجة إلى الاستدلال على معتقداتها أمام الآخرين أم يكفي لتأسيس كل ذلك بيان ونشر مرتكزات خط الإمامين الخميني والخامنئي الذي تنتمي إليه هذه المقاومة؟؟!!

ومن المؤسف أن عدة من الناس طالما روجوا لثقافة العمل بالتكليف، داعين إلى تطبيقها في العمل السياسي والاجتماعي وغيره، وحينما صرحت المقاومة بأدبيات الخط الذي تسير عليه ثارت ثائرتهم.

سادسا: البعض وللأسف الشديد تبعا للاصطفافات السياسية ينظر للجهة التي يتموضع فيها، وللبيئة التي يعيش وسطها بعين المغفرة والرحمة والبناء على الأخوة الإيمانية والاجتهاد في تصحيح كل ما يمكن تصحيحه، وحينما ينظر لجهة أخرى تشترك معه في الإيمان والخط العام وتخالفه في عدة مسائل فإنه ينظر بعين الريبة والشك في كل شيء، وعلى هذا الأساس يحكم على جميع أفعال الآخر بعدم ابتنائها على الشرعية، بل وابتنائها على الخطابيات، وربما يعمل على تسقيطها في الإعلام وتكسير أجنحتها. ما لكم كيف تحكمون، وبأي مكيال تكيلون!!

سابعا: يقول الإمام الخامنئي في كلمة له بمناسبة اليوم الوطني لمقارعة الاستكبار: على المستوى العملي فنعتقد أن حركة المقاومة هي حق الشباب: شباب العراق، شباب سوريا، شباب لبنان، الشباب في شمال إفريقيا، والشباب في مناطق شبه القارة الهنديّة وأطرافها. هناك شباب يقاومون أمريكا ويقفون ويصمدون في وجهها. وهذا حقهم، ونحن نعتبر ذلك من حقهم. ودعم هذه التيارات يعني دعم نظرية المقاومة.

أخذ الله بأيدينا جميعا للصواب، وإعادة توجيه البوصلة نحو العدو المشترك، إنه خير ناصر ومعين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى